الإنصمام الرئوي: أعراضه وأسبابه وطرق العلاج

ما هو مرض الانصمام الرئوي؟

الانصمام الرئوي هو حالة إسعافية مهددة للحياة تصيب الأوعية الدموية الخاصة بالرئتين والمسؤولة عن تبادل الغازات بين الدم والهواء الخارجي، وهي عبارة عن إصابة تتضمن دخول جلطة دموية ضمن أحد الشرايين الرئوية وإغلاقه، ما يسبب اضطراب في الدورة الدموية الصغرى (دوران الدم بين القلب والرئتين) وعدة أعراض شديدة ويهدد حياة المريض بسبب عدم حصول الجسم على ما يكفي من الأوكسجين.

يخرج الشريان الرئوي من البطين الأيمن في القلب، ويتفرع بعدها إلى شريانين رئويين أيمن وأيسر يغذي كل منهما الرئة الموافقة له ويتفرع ضمنها إلى فروع أصغر فأصغر. وتتضمن الدورة الدموية الصغرى خروج الدم قليل الأوكسجين من القلب عبر هذه الشرايين إلى الرئتين، ومن ثم عودته إلى الأذينة اليسرى في القلب من جديد عبر الأوردة الرئوية الأربعة ليصار إلى ضخه في الجسم عبر الشريان الأبهر.

إن دخول الجلطات الدموية إلى الدوران الرئوي يسبب انقطاع إمدادات الدم عن المنطقة التي يغذيها الشريان المصاب. يسبب ذلك عجزًا في تبادل الغازات بين الجسم والهواء الخارجي ويقطع دورة الدم بين القلب والرئتين. وتأتي الجلطة الدموية عادةً من أحد أوردة الجسم بعد أن تتشكل ضمنه، إذ تسير مع الدم الوريدي وصولًا إلى الأذينة اليمنى في القلب حيث تنتقل إلى البطين الأيمن ومنه إلى الشريان الرئوي.

أعراض الإنصمام الرئوي

عندما يحدث الانصمام الرئوي فإنه يسبب مجموعة من الأعراض الحادة. تختلف الأعراض وشدتها حسب حجم الجلطة الدموية وحجم القطاع المتأثر بها من الرئتين، إذ يقسم الانصمام الرئوي في هذه الحالة إلى 3 أنواع تتضمن:

• الانصمام الرئوي الصغير، وفيه تكون الجلطة الدموية صغيرة الحجم وموجودة في فرع صغير من الشرايين وتسبب أعراضًا خفيفة.
• الانصمام الرئوي المتوسط، وهو أشد من سابقه ويكون الجزء المتأثر من الرئة أكبر حجمًا والأعراض واضحة وشديدة.
• الانصمام الرئوي الكبير أو الكتلي، وهو حالة مميتة في غياب التدخل الفوري بسبب إغلاق شريان إحدى الرئتين بالكامل أو أحد الأفرع الرئيسية له.

وتتضمن أعراض الانصمام الرئوي بشكل عام:

• ضيق النفس: حالة مفاجئة من ضيق النفس وصعوبة التنفس تحدث في حالة الراحة وتزداد سوءًا عند بذل الجهد
• ألم الصدر: يكون الألم حادًا مثل طعنة السكين ويزداد شدةً مع التنفس العميق. قد يعيق الألم القدرة على أخذ نفس عميق، كما يشتد عند السعال والانحناء للأمام.
• الإغماء: قد يسبب اضطراب دوران الدم بين القلب والرئتين هبوط الضغط وتباطؤ القلب المفاجئ، ما يسبب فقدان الوعي.

اقرأ أيضًا: التينيا البيضاء: الأسباب والأعراض وطرق الوقاية 

كما يمكن أن تشمل الأعراض أيضًا:

• السعال، والذي قد يحتوي على دم أو مزيج من الدم والمخاط
• تسارع أو عدم انتظام ضربات القلب
• الدوار والدوخة
• التعرق المفرط
• الحمى
• ألم أو تورم الساقين، والذي يكون عادةً في القسم الخلفي من الساق.
• الزراق، وهو ظهور طيف أزرق اللون على الجلد بسبب نقص الأوكسجين

أسباب الإنصمام الرئوي

يحدث الانصمام الرئوي عندما تدخل جلطة دموية أو نوع آخر من الجلطات ضمن شرايين الرئة وتسبب انسداد أحد الشرايين ومنع تدفق الدم عبره إلى الرئة. في معظم الحالات يكون الجسم المسبب لهذه الحالة هو جلطة دموية، لكن بعض المواد الأخرى قد تسبب الحالة عينها.

تأتي الجلطات الدموية المسببة للانصمام الرئوي عادةً من الساقين، وبالتحديد من الأوردة العميقة للساقين، نتيجة لحالة تدعى تجلط الأوردة العميقة، وهي الحالة التي تتضمن تشكل جلطات دموية في أوردة الساقين.

قد توجد في كثير من حالات الانصمام الرئوي عدة جلطات دموية مسببة للحالة، وفي هذه الحالة تغدو أجزاء الرئة المغذاة بالشرايين المصابة غير مغذاة بالدم بشكل كافي، ما يمكن أن ينتهي بتموت أجزاء الرئة تلك، وهو ما يعرف باحتشاء الرئة. يؤدي احتشاء الرئة إلى تفاقم الحالة أكثر ويجعل الرئة أقل قدرة على إمداد الجسم بما يكفي من الأوكسجين.

قد يحدث الانسداد في شرايين الرئة في بعض الحالات الخاصة بسبب مواد غير الجلطات الدموية، والتي قد تكون:

• الدهون المتحررة من نقي العظام إلى الدم عند تعرض عظم طويل في الجسم للكسر، غالبًا ما يحدث ذلك عند كسر عظم الفخذ لدى البالغين الشباب.
• جزء من ورم
• فقاعات هوائية

اقرأ أيضًا: أشهر أمراض الجهاز التنفسي وطرق الوقاية

مضاعفات ومخاطر الإنصمام الرئوي

من شأن الانصمام الرئوي أن يهدد حياة المريض عندما تكون الجلطة الدموية بالحجم الكافي لذلك، إذ يموت حوالي ثلث المرضى الذين لا يتلقون التدبير والعلاج الطبي في الوقت المناسب، إلا أن هذا الاحتمال ينخفض بشكل كبير عند التدخل والعلاج بشكل ملائم وفي الوقت المناسب.

قد يؤدي الانصمام الرئوي إلى ارتفاع الضغط الرئوي، وهو حالة تتميز بارتفاع ضغط الدم بشكل كبير في الأوردة والشرايين ضمن الرئة وكذلك في الجانب الأيمن من القلب، ونظرًا لكون ضغط الدم المنخفض هو أحد أهم العوامل التي تساهم في حصول الدم على الأوكسجين، فإن هذه الحالة تؤثر بشكل كبير على وظائف الرئة وتمنع حصول الجسم على كفايته من الأوكسجين. يحدث ذلك بسبب حاجة القلب للعمل بجهد أكبر بكثير لتجاوز العائق الذي يمنع تدفق الدم إلى الرئتين. قد يؤدي ذلك إلى ضعف القلب بشكل كبير في نهاية المطاف.

في بعض الحالات النادرة تبقى جلطات دموية صغيرة الحجم ضمن شرايين الرئة وتسبب تشكل نسيج ندبي مع مرور الوقت. يقيد ذلك تدفق الدم بشكل كبير ويسبب إصابة مزمنة بارتفاع الضغط الرئوي تقود في نهاية المطاف إلى فشل القلب، تعرف هذه الحالة باسم مرض القلب الرئوي.

اقرأ أيضاً عن: جراحة القلب والصدر في تركيا

من هم الأكثر عرضة للإصابة بمرض الإنصمام الرئوي؟

توجد عدة عوامل خطر تساهم في التعرض للانصمام الرئوي، والتي تتضمن:

• التأهب المسبقة لتشكل الجلطات: يوجد لدى بعض الأشخاص استعداد مرضي لتجلط الدم نتيجة لبعض الأمراض الوراثية وكذلك أمراض الكلية، يشكل ذلك عاملًا مهمة في الإصابة بالانصمام الرئوي.
• أمراض القلب: وبشكل خاص فشل القلب، إذ يؤدي إلى ضعف جريان الدم وزيادة احتمال تشكل الجلطات.
• السرطان: عند الإصابة بمرض السرطان فقد تنفصل قطعة من الورم السرطاني وتدخل ضمن مجرى الدم حتى تصل إلى الرئتين وتسبب الانصمام.
• الجراحة: يعتبر التعرض للجراحات الكبيرة أحد العوامل التي تزيد من خطر تجلط الدم بشكل كبير، وذلك بسبب الآثار الفزيولوجية للجراحة على الجسم.
• حالة نقص الحركة طويلة الأمد: من المحتمل أن تتشكل الجلطات الدموية لدى المرضى عند بقائهم في حالة خمول لأطول من المعتاد. ويمكن أن تكون هذه الحالة إما بسبب الراحة طويلة الأمد في السرير لدى مرضى الكسور أو الحوادث أو النوبة القلبية أو المرضى الخاضعية لجراحة كبيرة، أو بسبب رحلات السفر ذات المدة الطويلة كالسفر لساعات طويلة بالقطار أو الطائرة. في هذه الحالة فإن قلة الحركة تسبب ركودة الدم في أوردة الساقين، وهو ما يحفز تشكل الجلطات الدموية.

تتضمن عوامل الخطر الأخرى المهمة كذلك:

• التدخين
• زيادة الوزن والسمنة
• الإستروجين الدوائي، وهو المركب الموجود في أدوية منع الحمل الفموية، وهو معروف بزيادته لخطر تشكل الجلطات الدموية.
• الحمل، بسبب ضغط الرحم الحامل ووزن الجنين على أوردة البطن والحوض وتسببها بنقص جريان الدم من الساقين إلى القلب.

تشخيص الانصمام الرئوي

قد يكون من الصعب تشخيص الانصمام الرئوي أحيانًا، وخصوصا عند ترافق المرض مع أمراض كامنة في القلب أو الرئتين. لهذا السبب فمن المتوقع أن يبحث الطبيب في التاريخ الصحي مع إجراء فحص بدني والاستعانة بمزيد من الفحوصات لوضع التشخص. وتتضمن وسائل التشخيص التي يمكن استخدامها:

• تحليل الدم: يتم إجراء تحليل يسمى اختبار D-Dimer في البداية، وهو اختبار يقيس مستويات مادة تنتج بعد تشكل الجلطات الدموية. هذا الاختبار لا يؤكد تشخيص الانصمام الرئوي إذا كان إيجابيًّا، ذلك بأنه يمكن أن يظهر في كثير من الأمراض والإصابات الأخرى. إلا أن النتيجة السلبية له تنفي بشكل قاطع الإصابة بالانصمام الرئوي.
• التصوير بالأشعة السينية: يتم تصوير الصدر بالأشعة السينية البسيطة كخطوة أولى في التشخيص، وعلى الرغم من أنها لا تساعد في تشخيص الانصمام الرئوي، لكن صورة الصدر البسيطة تفيد في نفي الحالات الأخرى المشكوك بها.
• الأمواج فوق الصوتية: يجرى التصوير بالأمواج فوق الصوتية بتقنية الدوبلر للساقين للبحث عن التجلط ضمن الأوردة العميقة، ويعتبر وجود الجلطات أثناء التصوير كافيًا مع اختبار D-Dimer للتشخيص.
• التصوير المقطعي الوعائي: المعيار الذهبي لتشخيص الانصمام الرئوي هو التصوير المقطعي المحوسب للأوعية الرئوية مع حقن مادة ظليلة ضمن بروتوكول خاص يفيد في إنشاء صور ثلاثية الأبعاد للشبكة الوعائية الرئوية، هذا الاختبار دقيق جدًا في تشخيص الانصمام الرئوي أو نفي الإصابة به.
• مسح التهوية – التروية: يقارن هذا الاختبار بين كفاءة التهوية في الرئتين وكفاية الجريان الدموي فيهما، وتكون النسبة ما بين التهوية والتروية في الحالة الطبيعية قريبة من قيمة 1، أما عند الإصابة بالانصمام الرئوي فتختل النسبة بسبب زيادة التهوية بشكل كبير بالنسبة للإرواء الدموي.

علاج الانصمام الرئوي

يهدف علاج الانصمام الرئوي إلى منع تفاقم الحالة، ومن الضروري تقديم العلاج بشكل إسعافي وفوري لإنقاذ حياة المريض ومنع المضاعفات الخطيرة. وتتضمن طرق العلاج:

• الأدوية: تشمل بشكل أساسي كلًّا من مميعات الدم مثل الهيبارين ذو التأثير الفوري الذي يمنع زيادة حجم الجلطات الموجودة وكذلك تشكل جلطات دموية جديدة. إضافة إلى مميعات الدم يتم استخدام الأدوية الحالة للجلطات، وهي مجموعة أدوية تعطى عن طريق الوريد وتسبب تفكك وانحلال الجلطة السادة للشريان وبالتالي علاج المشكلة.
• العلاج الجراحي: تتضمن الجراحة إزالة الجلطة من الرئتين جراحيًّا في حالات الجلطات الكبيرة والكتلية المهددة للحياة، ويتم إجراء العملية غالبا باستخدام القسطرة. من الممكن أن يعمد الطبيب إلى تركيب مرشح (فلتر) يتكون من شبكة تمنع مرور الجلطات الدموية في الوريد الأجوف السفلي في البطن، يفيد ذلك في منع الإصابة بالانصمام الرئوي بسبب حبس الجلطات تحت مستوى المرشح.

نصائح للوقاية من مرض الانصمام الرئوي

إن مفتاح الوقاية من الانصمام الرئوي هو منع تشكل الجلطات في الساقين، وهو ما يتم عن طريق:

• الأدوية المميعة للدم: تستخدم لمدة 6 أشهر وربما سنة بعد الإصابة بالانصمام الرئوي بسبب خطر تكرار الإصابة، وتشمل الأسبرين والوارفارين بشكل أساسي.
• الجوارب الضاغطة: وهي عبارة عن جوارب طويلة مطاطية يتم ارتداؤها في الساقين في حالات الوقوف الطويل أو الجلوس الطويل لمنع ركودة الدم.
• رفع الساقين: يفيد رفع الساقين لأعلى أثناء النوم ومتى ما أمكن ذلك، في الوقاية وإنقاص خطر الانصمام الرئوي.
• زيادة النشاط البدني: الحركة في وقت باكر قدر الإمكان بعد الجراحة وتجنب الجلوس بشكل مستمر لساعات طويلة مفيد بشكل كبير في الوقاية.

لزيادة الوقاية أثناء السفر عليك باتباع ما يلي:

• شرب كميات كافية من السوائل
• الحركة بشكل دوري وتغيير الوضعية كل فترة وأخرى
• الحركة ضمن المقعد كل 30 دقيقة.
• ارتداء الجوارب الداعمة

لخدمات العلاج في تركيا استشر علاجك الطبية

تعمل علاجك الطبية في تركيا على تقديم أفضل الخدمات العلاجية في المجالات الصحية المختلفة، والتي من بينها أمراض القلب وكذلك أمراض الجهاز التنفسي. ويعمل في علاجك الطبية طاقم من نخبة الأطباء الأخصائيين والجراحين المتمرسين وأصحاب الخبرة، ويقدم الطاقم الطبي في علاجك الطبية أفضل وسائل الرعاية أثناء العلاج. إن مراكز علاجك الطبية المتخصصة في علاج أمراض الجهاز التنفسي وأمراض القلب حديثة ومتطورة ومجهزة بأحدث وسائل التشخيص والعلاج.

يقدم لكم فريق علاجك الطبية الاستشارة بشكل مجاني، إلى جانب خدمات أخرى مثل المختبرات الطبية والتصوير الشعاعي والترجمة الفورية وغيرها.

تحرير: علاجك الطبية©